القتلى من الأطفال و المراهقين و" الإهمال " هو السبب..
البداية كانت حمص حيث توفي طفل يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً إثر تناوله حب مبيد حشري ظنا منه أنها حبة " شوكولا " كانت موجودة على نافذة المنزل منذ سنتين ، وتلاها العديد من الحوادث المشابهة .
كما توفيت فتاة في الرابعة عشر من عمرها من عمرها إثر إصابتها بصدمة شديدة بعد تناولها فاكهة "الدراق والخوخ" في بستان العائلة حيث تبين أنها تسممت بالمبيد الحشري الذي رشه أهلها على المحصول دون تحذير من قبل عائلتها أن لا تأكل من هذه الفاكهة لأنها قد رشت بمبيد حشري .
وكان عكس السير رصد آخر حادثة وفاة في نفس المحافظة لطفل في الرابعة من عمره حيث وضع أهل الطفل زجاجة من سائل مبيد حشري على الطاولة ليقوموا بعملية " قتل الحشرات " إلا أن الطفل كان أول ضحايا هذا السائل .
و في ادلب شهدت المحافظة العديد من حوادث الوفاة نتيجة تناول مبيد حشري أو مادة سامة عن طريق الخطأ ، حيث توفيت فتاة في الـ 11 من عمرها نتيجة تناولها حبة من مادة كيماوية ظنا منها أنها قطعة سكاكر ففارقت الحياة قبل وصولها المشفى .
وفي آخر حادثة شهدتها محافظة ادلب ( منذ أيام ) توفي طفل في ربيعه الأول بعد أن تناول سائل من مبيد حشري كان قد وضعته أسرته من القرب منه ، حيث رآها الطفل وظن أنها " زجاجة حليب " فقام بشربها كما يرضع الصغار الحليب وتوفي بعد ساعتين من شربه المادة دون أن تنتبه الأسرة له .
بينما تعرضت حلب للعديد من حالات التسمم نتيجة تناول مبيد حشري ومعظم الضحايا كانوا من الأطفال ولكن بطريقة موت مختلفة .
حيث توفيت فتاة في الرابعة عشر من عمرها إثر استنشاقها مبيد حشري بشكل غير مقصود نتيجة تطاير المادة السامة في الهواء أثناء عبث الفتاة بالعلبة التي تحوي بداخلها السم دون رقابة أو تحذير من الأهل .
مزحة الأب مع ابنه .. قصة واقعية
وذكر أحد الأطباء أثناء إعداد التحقيق أنه في أحد الأيام قام والد لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات بالمزاح مع أبنه بسائل مبيد حشري ، حيث قال لأبنه الصغير أشرب هذا العصير ، وعندما حاول الطفل الشرب أمتنع الأب عن إعطائه لطفله محذرا إياه بأنها مادة سامة ، وقام الوالد في هذه اللحظة بوضع الزجاجة بجانب التلفزيون استعداد لرشها في المنزل .
ولكن الطفل الذي لم يدرك هذا الأمر بقي " يحوم " حول الزجاجة إلى أن حصل عليها بغياب والده وشرب منها جرعة صغيرة ، ليصاب بعدها بالغثيان ، كما أغمي عليه بعد لحظات من تناوله المادة ، حيث سمع والده صراخه وركض إليه وكان الطفل آنذاك يمسك الزجاجة في يده ، وقام الأب بإسعاف ابنه للمشفى حيث تم إنقاذ حياته في آخر لحظة
مسؤول وقاية : المتسبب الرئيسي في حوادث التسمم هو إهمال الأهل
ومن جهته حمل رئيس دائرة الوقاية في مديرية زراعة ادلب المهندس " عبد اللطيف غزال " الأهل أسباب حدوث مثل هذه الحوادث ، كما حمل المزارعين جزءا كبيراً من المسؤولية .
وتابع قائلا " إن كل أنواع المبيدات الحشرية لا يحبذ وجودها في المنازل وخاصة بالقرب من الأطفال لأن مجرد ملامسة هذه المادة للجلد قد تؤثر سلبا على جسم الإنسان ، فكيف إذا شرب المرء منها أو تناولها " .
وأضاف " تؤكد مديريات الزراعة في المحافظات السورية دائما على المزارعين في كيفية استخدام رش المبيدات أو استخدامها وإطلاعهم على خطورة سمومها أن أسيئ استعمالها أو حفظها ولكن لا حياة لمن تنادي " .
واستطرد " المشكلة هي عندما يقوم المزارعون بحفظ ما تبقى من هذه المواد السامة في منازلهم أو استبدال العلبة الأساسية بعلبة أخرى ، حيث يحدث اختلاط أحيانا بينها وبين زجاجة غذائية أخرى وهذا فعلا ما يحدث " .
نصائح..
وعرض رئيس دائرة الوقاية عدد من النصائح في استعمال المبيد الحشري على المزارعين عموما والأسر خصوصا وقال " يجب على المزراع ألا يقوم بحفظ ما تبقى من المبيد الحشري في منزله و عدم نقل المبيدات من عبواتها الأصلية إلى زجاجات الأدوية أو علب المواد الغذائية الفارغة ".
و أن ينتبه الذي يقوم برش المبيد إلى حركة الرياح كي لا تتطاير المادة إلى أجسام بشرية أو حيوانية أيضا .
إضافة إلى تحطيم العبوات الزجاجية الفارغة داخل كيس من البلاستيك ثم تطمر بعمق الأرض عند الانتهاء من عملية الرش . و وضع لوحات تحذيرية خاصة في الحقول وأماكن المعالجة تنبه إلى أن المزروعات تم رشها بالمبيدات الحشرية .
وختم حديثه بالقول " يجب عدم تخزين المبيدات الحشرية في أماكن يسهل على الأطفال الوصول إليها وإنما العمل على تخزينها في مستودعات زراعية ، ترك ما تبقى من المبيدات ضمن عبواتها الأساسية ، إبعاد المبيدات الحشرية عن الأماكن الغذائية " .
الأطباء يحذرون من التأثيرات الجانبية المستقبلية ..
وتحدث عدد من الأطباء الاختصاصين عن بعض التأثيرات الجانبية للذين يلامسون مادة المبيد الحشري أو يتناوله فقد يتم تخزين هذا المبيد في حبيبيات الدهون الموجودة تحت الجلد وعند وصول المر لفترة معينة من العمر قد تؤثر على حياته سلبيا .
وبين أحد الأطباء أن الأسر التي تقوم برش المبيد الحشري في غرف نومها أو المطابخ لا تعلم ما تكمن ورائه من خطورة كبيرة على صحتهم وصحة أطفالهم لأن الجسم يستنشق رائحة ذلك المبيد وقد يؤدي لضرر كبير في الجهاز التنفسي والبولي وخاصة على الحيوانات المنوية بالإضافة إلى أخطار الفشل الكلوي و الكبدي والأورام بأنواعها .
الأعراض : ألم في المعدة و ضيق تنفس .. والاسعافات الأولية خير إجراء
وعن الأعراض التي قد تحدث أثناء تناول طفل أو أي شخص لمواد سامة كالمبيد الحشري قال أحد الأخصائيين " ألم في البطن ، حدوث إقياء ، تشنج عضلات الحركة ، شحب لون الوجه ، حدوث صدمة تنفسية يلحق بها برودة و تعرق وعدم المقدرة على التنفس بشكل طبيعي وفقدان الوعي ، وكثيرا ما يسبب تناول المبيدات الحشرية نقص في الأكسجة و قتل خلايا الأوكسجين والتي تؤدي إلى الوفاة .
ونصح الأطباء أثناء وقوع أي حادثة تناول مبيد حشري لأية طفل أو مصاب أن يتم على الفور القيام بالإسعافات الأولية المعروفة والتي هي نقل المصاب إلى أقرب مركز طبي مباشرة وأن لا يقوم المسعف برمي زجاجة المبيد بل عليه الاحتفاظ بها لأخذ عينة منها ومعرفة مدى خطورتها على المصاب .
بالإضافة إلى القيام بنزع ملابس المصاب خوفا من أن يكون قد ابتلت أثناء عملية تناول المبيد كي لا تتغلغل داخل الجلد وغسل الجسم في حال تم ملامسته للمبيد السام وفي حال لم يفقد المصاب وعيه يعمل بسرعة على إعطائه كأس من الماء الساخن مذوب بداخله ملح طعام لكي يساعد على حدوث القيء .
يذكر أن وزارة الزراعة أصدرت تعميما رقم / 3154/ إلى كافة مديريات الزراعة يتضمن التعميم على كافة محلات بيع وتداول المواد الزراعية بوجوب عدم بيع مادة فوسفيد الألمنيوم إحدى أخطر المبيدات الحشرية والتي تدعى " حبة الغاز " بكافة أشكالها و أسمائها التجارية إلى الأشخاص الغير مخولين باستخدامها تحت عقوبة إلغاء الترخيص والملاحقة القانونية في حال بيعها لغير المخولين باستخدامها .
وطالب عدد من المعنيين وزراة الزراعة أن تخطو نفس الخطوة السابقة من خلال إصدار تعميما آخر يمنع بيع المبيدات الحشرية لغير المخولين وخاصة للذين يستخدمونها في المنازل للحد من قتل الأطفال و غيرهم بسبب سوء استخدامها أو تخزينها .
2010-12-04, 12:30 am