قصة حب عجيبة حدثت في زمن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام
قرأتها منذ مدة ....فبكى فؤادي قبل عيني واحببت ان تشاركوني متعة التعرف على تفاصيلها ....
قصة الرجل الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم "الحمد لله الذي جعل في أمتي نظير يوسف الصدّيق"..
هذه قصة من قصص الشعراء العرب الذين قضوا نحبهم عشقاً وما أغرب قصة صاحبنا هذه المرة وما أمتعها..
فأما هو:
فهو بشر الأسيدي من بنى عبد العزى.. شاعر إسلامي متوسط في طبقته وأحد المتخلفين إلى رسول الله
وأما هي
فهي هند، فتاة من قومه وإحدى فواضل نساء عصرها حسناً وجمالاً وأما حالتها الإجتماعية فمتزوجة من رجل يقال له سعد بن سعيد، وأما حالتها العاطفية فعاشقة حتى الثمالة لبشر..
نظرت إليه مرة يوم كان يجتاز بمنزلها قاصداً رسول الله ، فلم تعد تملك إلاّ أن تنظر إليه دوماً، حتى أدمنت المكوث كل غداة على دربه تنتظر إجتيازه. فإذا ما مر إضطرب كل شيء فيها إلا النظرة الثابتة إلى وجهه إلى أن تطويه المسافة بعيداً عنها، دون أن يكلف نفسه عناء رمي نظرة أو إلقاء تحية أو القيام بأي حركة تحسسها بشغل حيز في حياته.. فتناجي نفسها وتقول:
أهواكَ يا بشرُ دون الناس كلهم=وغيركَ يهواني فيمنَعُهُ صدّي
تمرُّ ببابي لست تعرفُ ما الذي=أكابدُ من شوقي إليكَ ومن بُعدي
فياليتني أرضٌ وأنتَ أمامها=تدوسُ بنعليك الكرامِ على خدّي
ويا ليتني نعلاً أقيكَ من الحَفَا=ويا ليتني ثوباً أقيكَ من البَرْدِ
تباتُ خليَّ البالِ من ألمِ الجَوَى=وقلبي كواهُ الحبُّ من شدّةِ الوجدِ
وإنك إن قصَّرت عني ولم تزر=فلابُدَّ بعدَ الصدِّ أدفن في لحدي
ولما تجاوز الحب حدّه، دمّر حدوده وتحول إلى شعر يدوَّن ورسالة توجه إليه فكتبت ما يعتمر في داخلها، ثم أخذت الجارية الكتاب وسارت به إلى بشر ولما وصلت إليه سلمت عليه فرد عليها السلام وسألها عن حاجتها.
فقالت الجارية: "إني جارية السيدة هند وقد أرسلتني إليك بكتاب هذا هو" فأخذه وقرأه وفهم معناه ثم إلتفت نحو الجارية وسألها: "هل سيدتك عذراء أم ذات بعل".
فقالت الجارية: "بل متزوجة وزوجها موجود في المدينة".
فرد بشر القول بالقول وواجه حبّها بالواجب المفروض عليها تجاه زوجها ودعاها إلى الإعتصام بكلام الله وقال:
عليكِ بتقوى الله والصَّبر إنّه=نهى عن فجور بالنساءِ مُوَحّدُ
وصبراً لأمرِ الله لا تقربي الذي=نهَى الهُ عنه والنبيّ محمدُ
فلا تطمعي في أن أزوركِ طائعاً=وأنت لغيري بالخناءِ معوّد
وأخذت الجارية الكتاب وسلمته إلى سيدتها التي عزّت عليها نفسها كثيراً فبكت بكاء مراً وكتبت إليه تقول:
أما تخش يا بشر الإله فإنني لفي=حسرةٍ من لوعتي وتسهدي
فإن زرتني يا بشر أحييتَ مهجتي=وربي غفورٌ بالعطا باسطُ اليد
ومرة أخرى عادت إليه الجارية برقعة من سيدتها وصعب على بشر ما هي فيه فكتب لها هذه الأبيات:
أيا هند هذا لا يليقُ بمسلمٍ=ومسلمةٌ في عصَمة الزوج فابعدي
أما تعلمي أن السَفاح محرّمٌ=فحولي عن الفحشاءِ والعيبِ وارتدي
بهذا نهى دين النبيِّ محمدٍ=فتوبي إلى مولاكِ يا هندُ ترشدي
لكن الكلمات كلها لم تكن لتكفيها في وصف ما تكابده من حبه، وكل العادات والقوانين ما كانت لتثنيها. ولكنه لم ييأس بل دأب على مراسلتها ليهديها فكتب:
إن الذي منع الزيارة فاعلمي=خوف الفساد عليك أن لا تعتدي
وأخافُ أن يهواكِ قلبي في الهوى=فأكون قد خالفتُ دينَ محمدِ
فلما وصلها هذا الكتاب انكمدت نفسها ومرضت فكتبت إليه تقول:
أيا بشر ما أقسى فؤادَك في الهوى=ما هكذا الحبُ في مذهبِ الإسلامِ
إني بُليت وقد تجافاني الصفا=فارحم خضوعي ثم زد بسلامِ
ضاقت قراطيسُ التراسل بيننا=جفّ المدادُ وحفيت الأقلام