قلة حالات تعاطي المنشطات في أولمبياد بكين تثير الجدلمع اقتراب فعاليات دورة الالعاب الاولمبية الحالية (بكين 2008) من نهايتها ما زال السؤال الذي يتردد مرارا يدور حول سبب قلة حالات المنشطات التي اكتشفت حتى الان.
ولم يعلن حتى الان إلا عن اكتشاف أربع حالات فقط لتعاطي المنشطات وهو عدد أقل كثيرا مما تنبأ به البلجيكي جاك روج رئيس اللجنة الاولمبية الدولية قبل بداية الاولمبياد حيث توقع أن تكشف الاختبارات عن عدد من حالات تعاطي المنشطات يتراوح بين 30 و40 حالة.
ومع إقامة أكثر من ثلثي النهائيات أصبحت الأيام المقبلة في حاجة إلى طوفان من حالات تعاطي المنشطات حتى تثبت توقعات روج.
والمؤكد أن روج سيكون سعيدا إذا كان توقعه خاطئا لأنه كلما قلت حالات تعاطي المنشطات كلما كانت الدورة نظيفة. وإذا ظل الحال كذلك ستكون بكين 2008 أكثر نظافة من دورة الالعاب الاولمبية الماضية (أثينا 2004) التي شهدت اكتشاف 26 حالة تعاطي منشطات.
ورغم ذلك يدرك الخبراء منذ سنوات أن الامور لا تسير على هذا النسق. فإذا كانت هناك حالات قليلة لتعاطي المنشطات فإن ذلك يكون لوجود لاعبين ومواد منشطة أكثر تطورا من الاختبارات التي تجرى حاليا للكشف عن المنشطات وهي المخاوف الأبدية التي تشغل بال كل من اللجنة الاولمبية الدولية والوكالة العالمية لمكافحة المنشطات.
وقال فيكتور كونتي رئيس معامل (بالكو) في مقال بصحيفة "ديلي ميل" : "القائمون على اختبارات الكشف عن المنشطات يضيعون وقتهم. اختبارات الكشف عن المنشطات أقرب ما تكون للدعاية".
وربما يكون كونتي نفسه تشخيصا للشر في مجال الرياضة وذلك من خلال منصبه كرئيس لمعمل بالكو الذي أنتج عقار تيتراهيدروجيسترينون المنشط الذي تسبب في حالات عديدة لتعاطي المنشطات اكتشفت في الأعوام القليلة الماضية ولكنه يظل خبيرا في تقنيات وحيل التنشيط.
ومن خلال خدمات كونتي كانت نهاية المسيرة الرياضية للعداءة الأمريكية الشهيرة ماريون جونز وكذلك نهاية حياتها بسبب اكتشاف فضيحة تعاطيها المنشطات والتي أفسدت حياتها كما تسببت في الحكم بالسجن عليها.
ومنذ وقت طويل يحاول كونتي التكفير عن ماضيه السيئ من خلال التعاون مع السلطات وانتقاد عملهم.
وقال كونتي "اختبارات الكشف عن المنشطات التي تجري في البطولات وبين البطولات تعاني من وجود خلل لأن اللاعبين الذين يتعاطون المنشطات تضاءل عددهم بالفعل. اللجنة الاولمبية الدولية تدعي أن عدد الاختبارات في أولمبياد بكين 2008 يصل إلى 4500 اختبارا للكشف عن المنشطات ولكن هناك القليل من العينات التي جاءت نتيجتها إيجابية. وفي بطولة العالم 2007 بأوساكا في اليابان أجري أكثر من ألف اختبار للكشف عن المنشطات ولم تظهر أي حالة تعاطي".
ويرى كونتي الذي يسخر من القصور في نظام الكشف عن المنشطات أن جامايكا هي أحد أهدافه.
وأجرى الجامايكي يوسين بولت الفائز بذهبية سباق العدو 100 متر في أولمبياد بكين ستة اختبارات للكشف عن المنشطات منذ أول آب/أغسطس الحالي بمعدل اختبار كل ثلاثة أيام.
وأحرز بولت المركز الاول في السباق محطما الرقم القياسي العالمي رغم التباطؤ في الثلث الاخير من السباق.
وقال هيرب إليوت طبيب الفريق الجامايكي "لا أبالي بالشائعات. لقد خضع لاختبارات الكشف عن المنشطات مرارا".
ولم يكن لدى جامايكا الواقعة في منطقة الكاريبي أي وكالة مستقلة لمكافحة المنشطات حتى قبل أسبوع واحد.
وسيكون من الضروري على الجميع أن ينتظروا طويلا ليعرفوا حقيقة ما حدث في أولمبياد بكين. فهؤلاء الذين يبدون اليوم بعيدين عن فساد المنشطات قد يفقدوا ميدالياتهم في غضون السنوات القليلة المقبلة لاكتشاف تعاطيهم المنشطات.
ويعتزم مختبر بكين الذي تجرى فيه جميع اختبارات الكشف عن المنشطات على العينات التي تؤخذ من اللاعبين في أولمبياد بكين الاحتفاظ بالعينات مجمدة لمدة ثماني سنوات. فما لا يمكن اكتشافه الان من السهل أن يكتشف في السنوات القليلة المقبلة وبعدها يمكن رؤية الوجه الحقيقي لأولمبياد بكين.